تهم التحايل على العملاء باسم المصرفية الإسلامية .. الأسباب والحلول
الجمعة 16 سبتمبر 2011 - 0:25
طلعت زكي حافظ
في المقال السابق تطرقت إلى عدد من اعتراضات البعض على تعاملات المالية الإسلامية وهيكلية منتجاتها المختلفة وأسلوب التنفيذ، التي من بينها عقد التورق وعقد البيع بالمرابحة، وسأستكمل من خلال هذا المقال الاعتراضات الأخرى على عقد بيع المرابحة، إضافة إلى الاعتراضات التي لها علاقة بتعاملات المالية الإسلامية.
بالنسبة للاعتراض الثاني على عقد البيع بالمرابحة، فيتمثل في عدم تحقق ضمان المشتري للسلع في بيع المرابحة، وهذا الاعتراض ناشئ بسبب أن عملية تداول السلعة تتم بسرعة ودون تعقيد؛ فيظن بعض الناس أن السلعة لم تدخل تحت ضمان البنك، وأن البنك لم يتحمل المخاطر، التي تتعرض لها السلعة محل عقد بيع المرابحة، وهذا الأمر ليس بصحيح، حيث إن البنك يضمن السلع فترة تملكه لها، وهي فترة قليلة، وهذا لا يعتبر سببا يسوغ الشك في أن البنك لم يضمن السلعة، إذ إن السرعة في تداول السلع ليس عيباً شرعياً في العقود، كما أن فترة الضمان للبضائع محل البيع مهما كانت قصيرة فإنها لا تمنع المتاجرة فيها.
الاعتراض الثالث على عقد البيع بالمرابحة يتمثل في عدم رؤية العملاء السلع، وهذا الاعتراض ناشئ من عدم فهم الشرط الذي يشترطه الفقهاء، وهو أن تكون السلعة معلومة، فيظن بعض الناس أن المشتري لا بد أن يرى السلعة، لكن الصحيح أن الشرط هو العلم بالسلعة، وهذا يتحقق بطرق عدة، من بينها، (1) رؤية السلعة. (2) رؤية نموذج مماثل للسلعة. (3) وصف السلعة وصفاً نافيا للجهالة، والبنوك والمؤسسات المالية في تقديمها للمنتجات المبنية على تداول السلع تستخدم واحداً أو أكثر من هذه الطرق فينتفي الاعتراض حينئذ.
من بين اتهامات البعض للبنوك الإسلامية استغلالها شعار المصرفية الإسلامية ومطالبة الهيئة الشرعية باعتماد منتجاتها لتمريرها إلى العملاء وبيعها لهم، رغم أن الناظر بدقة في هذا الجانب يرى أن البنوك ترفع شعار المصرفية الإسلامية، لتعلن أن لديها منتجات إسلامية نشراً للمعاملات المباحة ومحاربة للمعاملات المحرمة، ولو لم تفعل ذلك لم يعلم الناس أنها تقدم هذه الخدمات، ومن ثم تبوء المصرفية الإسلامية بالخسارة، فهذا الإعلان يعتبر لازما لهذه البنوك.
وهناك جانب آخر يتعلق بالموضوع نفسه، أن البنوك لا تستطيع أن تستغل شعار المصرفية الإسلامية، وهي ليست صادقة فيما تقدمه من منتجات لعلمها أن العميل المسلم على جانب من الوعي يجعله يدرك ذلك، ولأنها ستشوه سمعتها لدى عملائها، وهذا أشد ما تخشاه البنوك والمؤسسات الإسلامية، فمن هذا المنطلق، فهي لا تقوم بأي عمل يؤثر في سمعتها لأجل تحقيق أرباح يمكنها أن تحققها من دون المساس بسمعتها. كما أن تقديم المنتجات الإسلامية عبر الإعلانات يعتبر ميزة مهمة للعملاء، حيث ينبغي للبنوك أن تعلن ذلك لجذب هؤلاء العملاء من جانب الواجب الشرعي ومن جانب منافسة المنتجات التقليدية، شريطة ألا يكون في ذلك استغلال أو تغرير.
بعض المشككين في التعاملات المالية الإسلامية يتساءلون عن دور مؤسسة النقد العربي السعودي ''ساما'' والهيئات الشرعية وإدارات الرقابة الشرعية في منع تحايل وتلاعب البنوك على العملاء. وللرد على هذا التساؤل، أود التأكيد على وجود جهات عدة خارجية وداخلية تمثل خطوط دفاع عن العملاء وتلزم البنوك بالشفافية والإفصاح، التي من بينها على سبيل المثال لا الحصر، مؤسسة النقد العربي السعودي، التي تمارس دورها الرقابي والإشرافي والتنظيمي على الأنشطة المصرفية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية بالأسس نفسها، التي تطبقها على الأعمال المصرفية التجارية التقليدية، فهي تطبق على سبيل المثال على التعاملات الإسلامية معايير كفاية رأس المال والسيولة والمتطلبات الرقابية والإشرافية الأخرى التي تطبقها على التعاملات التقليدية. وعملت المؤسسة بالتعاون مع المصارف والمؤسسات المالية السعودية على ترسيخ المعايير الدولية على التعاملات المالية الإسلامية (مثل الواردة في بازل 2، وكذلك المعايير التي أعدها مجلس الخدمات المالية الإسلامية لإدارة المخاطر risk management، وحوكمة الشركات corporate governance، والرقابة الداخلية Internal controls)
بالنسبة للهيئات الشرعية، فهي تمثل خط الدفاع الثاني بالنسبة لعملاء البنوك، لكون طبيعة عملها إجازة المنتجات الإسلامية، حيث لا يسمح للبنك بإطلاق منتج على أنه إسلامي ومتوافق مع أحكام الشريعة إلا بعد إجازة الهيئة الشرعية له، فمن هذا المنطلق، تعمل الهيئات الشرعية على حماية العملاء، لكونها أيضاً تقوم بدراسة المنتجات الإسلامية دراسة تفصيلية للتأكد من توافقها مع الضوابط الشرعية وتحقيقها العدل والمصلحة للعملاء والبنوك على حد سواء.
هناك أيضاً خط ثالث لحماية العملاء يتمثل في إدارات الرقابة الشرعية الداخلية التي تعمل داخل البنوك والمؤسسات المالية، وتقوم بالتأكد من التزام البنوك والمؤسسات المالية بالقرارات والضوابط الشرعية الصادرة عن الهيئات الشرعية ورفع التقارير التي تبين مدى ذلك الالتزام للهيئات الشرعية وإدارة البنك.
ويسعى مجلس الخدمات المالية الإسلامية IFSB إلى تعزيز العمل في مجال الإشراف الموحد والفاعل على الخدمات المالية الإسلامية، وضمان استقرار النظام المالي الإسلامي بالالتزام بأعلى معايير إدارة المخاطر والشفافية، وينظّم في هذا الشأن ندوات ومؤتمرات علمية للسلطات الرقابية والمهتمين بالصناعة، كما يسعى جاهداً للعمل مع المؤسسات الدولية والإقليمية، ومراكز الأبحاث والمعاهد التعليمية للنهوض بهذه الصناعة المهمة.
في المقال السابق تطرقت إلى عدد من اعتراضات البعض على تعاملات المالية الإسلامية وهيكلية منتجاتها المختلفة وأسلوب التنفيذ، التي من بينها عقد التورق وعقد البيع بالمرابحة، وسأستكمل من خلال هذا المقال الاعتراضات الأخرى على عقد بيع المرابحة، إضافة إلى الاعتراضات التي لها علاقة بتعاملات المالية الإسلامية.
بالنسبة للاعتراض الثاني على عقد البيع بالمرابحة، فيتمثل في عدم تحقق ضمان المشتري للسلع في بيع المرابحة، وهذا الاعتراض ناشئ بسبب أن عملية تداول السلعة تتم بسرعة ودون تعقيد؛ فيظن بعض الناس أن السلعة لم تدخل تحت ضمان البنك، وأن البنك لم يتحمل المخاطر، التي تتعرض لها السلعة محل عقد بيع المرابحة، وهذا الأمر ليس بصحيح، حيث إن البنك يضمن السلع فترة تملكه لها، وهي فترة قليلة، وهذا لا يعتبر سببا يسوغ الشك في أن البنك لم يضمن السلعة، إذ إن السرعة في تداول السلع ليس عيباً شرعياً في العقود، كما أن فترة الضمان للبضائع محل البيع مهما كانت قصيرة فإنها لا تمنع المتاجرة فيها.
الاعتراض الثالث على عقد البيع بالمرابحة يتمثل في عدم رؤية العملاء السلع، وهذا الاعتراض ناشئ من عدم فهم الشرط الذي يشترطه الفقهاء، وهو أن تكون السلعة معلومة، فيظن بعض الناس أن المشتري لا بد أن يرى السلعة، لكن الصحيح أن الشرط هو العلم بالسلعة، وهذا يتحقق بطرق عدة، من بينها، (1) رؤية السلعة. (2) رؤية نموذج مماثل للسلعة. (3) وصف السلعة وصفاً نافيا للجهالة، والبنوك والمؤسسات المالية في تقديمها للمنتجات المبنية على تداول السلع تستخدم واحداً أو أكثر من هذه الطرق فينتفي الاعتراض حينئذ.
من بين اتهامات البعض للبنوك الإسلامية استغلالها شعار المصرفية الإسلامية ومطالبة الهيئة الشرعية باعتماد منتجاتها لتمريرها إلى العملاء وبيعها لهم، رغم أن الناظر بدقة في هذا الجانب يرى أن البنوك ترفع شعار المصرفية الإسلامية، لتعلن أن لديها منتجات إسلامية نشراً للمعاملات المباحة ومحاربة للمعاملات المحرمة، ولو لم تفعل ذلك لم يعلم الناس أنها تقدم هذه الخدمات، ومن ثم تبوء المصرفية الإسلامية بالخسارة، فهذا الإعلان يعتبر لازما لهذه البنوك.
وهناك جانب آخر يتعلق بالموضوع نفسه، أن البنوك لا تستطيع أن تستغل شعار المصرفية الإسلامية، وهي ليست صادقة فيما تقدمه من منتجات لعلمها أن العميل المسلم على جانب من الوعي يجعله يدرك ذلك، ولأنها ستشوه سمعتها لدى عملائها، وهذا أشد ما تخشاه البنوك والمؤسسات الإسلامية، فمن هذا المنطلق، فهي لا تقوم بأي عمل يؤثر في سمعتها لأجل تحقيق أرباح يمكنها أن تحققها من دون المساس بسمعتها. كما أن تقديم المنتجات الإسلامية عبر الإعلانات يعتبر ميزة مهمة للعملاء، حيث ينبغي للبنوك أن تعلن ذلك لجذب هؤلاء العملاء من جانب الواجب الشرعي ومن جانب منافسة المنتجات التقليدية، شريطة ألا يكون في ذلك استغلال أو تغرير.
بعض المشككين في التعاملات المالية الإسلامية يتساءلون عن دور مؤسسة النقد العربي السعودي ''ساما'' والهيئات الشرعية وإدارات الرقابة الشرعية في منع تحايل وتلاعب البنوك على العملاء. وللرد على هذا التساؤل، أود التأكيد على وجود جهات عدة خارجية وداخلية تمثل خطوط دفاع عن العملاء وتلزم البنوك بالشفافية والإفصاح، التي من بينها على سبيل المثال لا الحصر، مؤسسة النقد العربي السعودي، التي تمارس دورها الرقابي والإشرافي والتنظيمي على الأنشطة المصرفية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية بالأسس نفسها، التي تطبقها على الأعمال المصرفية التجارية التقليدية، فهي تطبق على سبيل المثال على التعاملات الإسلامية معايير كفاية رأس المال والسيولة والمتطلبات الرقابية والإشرافية الأخرى التي تطبقها على التعاملات التقليدية. وعملت المؤسسة بالتعاون مع المصارف والمؤسسات المالية السعودية على ترسيخ المعايير الدولية على التعاملات المالية الإسلامية (مثل الواردة في بازل 2، وكذلك المعايير التي أعدها مجلس الخدمات المالية الإسلامية لإدارة المخاطر risk management، وحوكمة الشركات corporate governance، والرقابة الداخلية Internal controls)
بالنسبة للهيئات الشرعية، فهي تمثل خط الدفاع الثاني بالنسبة لعملاء البنوك، لكون طبيعة عملها إجازة المنتجات الإسلامية، حيث لا يسمح للبنك بإطلاق منتج على أنه إسلامي ومتوافق مع أحكام الشريعة إلا بعد إجازة الهيئة الشرعية له، فمن هذا المنطلق، تعمل الهيئات الشرعية على حماية العملاء، لكونها أيضاً تقوم بدراسة المنتجات الإسلامية دراسة تفصيلية للتأكد من توافقها مع الضوابط الشرعية وتحقيقها العدل والمصلحة للعملاء والبنوك على حد سواء.
هناك أيضاً خط ثالث لحماية العملاء يتمثل في إدارات الرقابة الشرعية الداخلية التي تعمل داخل البنوك والمؤسسات المالية، وتقوم بالتأكد من التزام البنوك والمؤسسات المالية بالقرارات والضوابط الشرعية الصادرة عن الهيئات الشرعية ورفع التقارير التي تبين مدى ذلك الالتزام للهيئات الشرعية وإدارة البنك.
ويسعى مجلس الخدمات المالية الإسلامية IFSB إلى تعزيز العمل في مجال الإشراف الموحد والفاعل على الخدمات المالية الإسلامية، وضمان استقرار النظام المالي الإسلامي بالالتزام بأعلى معايير إدارة المخاطر والشفافية، وينظّم في هذا الشأن ندوات ومؤتمرات علمية للسلطات الرقابية والمهتمين بالصناعة، كما يسعى جاهداً للعمل مع المؤسسات الدولية والإقليمية، ومراكز الأبحاث والمعاهد التعليمية للنهوض بهذه الصناعة المهمة.
رد: تهم التحايل على العملاء باسم المصرفية الإسلامية .. الأسباب والحلول
الجمعة 16 سبتمبر 2011 - 0:26
من مصلحة العالم كله ان يرمو مشاكل الاقتصاد واسبابها على المصارف الاسلامية
ولكن ما لا يعلمونه ان تلك المصارف والطرق الاسلامية هي الكفيلة لتخرجهم من تلك الازمات
ولكن ما لا يعلمونه ان تلك المصارف والطرق الاسلامية هي الكفيلة لتخرجهم من تلك الازمات
رد: تهم التحايل على العملاء باسم المصرفية الإسلامية .. الأسباب والحلول
الجمعة 16 سبتمبر 2011 - 0:27
رجاء أرائكم و ردودكم
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى