الهجرة الأولى الى الحبشة
الخميس 13 أكتوبر 2011 - 16:16
الهجرة الأولى الى الحبشة
لما جاءت رسالة الإسلام وقف المشركون في وجهها وحاربوها، وكانت المواجهة في بداية أمرها محدودة، إلا أنها سرعان ما بدأت تشتد وتتفاقم يوماً بعد يوم وشهراً بعد شهر، حتى ضيَّقت قريش الخناق على المسلمين واضطهدتهم وأرهقتهم، فضاقت عليهم مكة بما رحبت، وصارت الحياة في ظل هذه المواجهة جحيماً لا يطاق، فأخذ المسلمون يبحثون عن مكان آمن يلجؤون إليه، ويتخلصون به من عذاب المشركين واضطهادهم.
في ظل تلك الظروف التي يعاني منها المسلمون، نزلت سورة الكهف، تلك السورة التي أخبرت بقصة الفتية الذين فروا بدينهم من ظلم مَلكِهِم، وأووا إلى كهف يحتمون به مما يراد بهم، كان في هذه القصة تسلية للمؤمنين، وإرشاداً لهم إلى الطريق الذي ينبغي عليهم أن يسلكوه للخروج مما هم فيه. لقد عرضت قصة أصحاب الكهف نموذجاً للإيمان في النفوس المخلصة، كيف تطمئن به، وتؤثره على زينة الحياة الدنيا ومتاعها، وكيف أن الله تعالى يرعى هذه النفوس المؤمنة ويقيها الفتنة، ويشملها برحمته ورعايته { وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيئ لكم من أمركم مرفقا} (الكهف:16).
لقد وضَّحت هذه القصة للمؤمنين طريق الحق والباطل، وبيَّنت أنه لا سبيل للالتقاء بينهما بحال من الأحوال، وإنما هي المفاصلة والفرار بالدين والعقيدة، وانطلاقاً من هذه الرؤية القرآنية أمر النبي المسلمين المستضعفين بالهجرة إلى الحبشة، وقد وصفت أم المؤمنين أم سلمة زوج النبي هذا الحدث فقالت: ( لما ضاقت علينا مكة، وأوذي أصحاب رسول الله وفتنوا، ورأوا ما يصيبهم من البلاء، والفتنة في دينهم، وأن رسول الله لا يستطيع دفع ذلك عنهم، وكان رسول الله في منعة من قومه وعمه، لا يصل إليه شيء مما يكره مما ينال أصحابه، فقال لهم رسول الله عليه وسلم إن بأرض الحبشة ملكاً لا يظلم عنده أحد، فالحقوا ببلاده حتى يجعل الله لكم فرجاً ومخرجاً مما أنتم فيه، فخرجنا إليها أرسالاً - أي جماعات - حتى اجتمعنا بها ، فنزلنا بخير دار إلى خير جار، أمِنَّا على ديننا ولم نخش منه ظلماً ) رواه البيهقي بسند حسن .
قال الله تعالى { والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا لنبوئنهم في الدنيا حسنة ولأجر الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون } ( النحل:41) قال قتادة – رحمه الله - " المراد أصحاب النبي ، ظلمهم المشركون بمكة وأخرجوهم حتى لحق طائفة منهم بالحبشة، ثم بوأهم الله تعالى دار الهجرة، وجعل لهم أنصاراً من المؤمنين " .
وكان الذي دعى الصحابة لتلك الهجرة عدة أسباب، منها شدة العذاب الذي لاقاه الصحابة من المشركين، حيث استخدم المشركون شتى أنواع العذاب لكي يفتنوا الصحابة عن دينهم، وكان نشر الدعوة خارج مكة المكرمة، وتكوين قاعدة تحمي العقيدة سبباً رئيساً آخر لتلك الهجرة.
وهكذا هاجر أول فوج من الصحابة إلى الحبشة في السنة الخامسة للبعثة، وكان هذا الفوج مكوناً من اثني عشر رجلاً و أربع نسوة، كان في مقدمتهم عثمان بن عفان رضي الله عنه ، ومعه زوجته رقية بنت رسول الله ، وكان رحيلهم تسللاً تحت جنح الظلام حتى لا تشعر بهم قريش، فخرجوا إلى البحر عن طريق جدة، فوجدوا سفينتين تجاريتين أبحرتا بهم إلى الحبشة، ولما علمت قريش بخبرهم خرجت في إثرهم، وما وصلت إلى الشاطئ إلا وكانوا قد غادروه في طريقهم إلى الحبشة، حيث وجدوا الأمن والأمان، ولقوا الحفاوة والإكرام من ملكها النجاشي الذي كان لا يظلم عنده أحد، كما أخبر بذلك النبي .
ومما يستفاد من أحداث الهجرة إلى الحبشة :
1- لقد اشتد البلاء على أصحاب رسول الله وجعل الكفار يحبسونهم ويعذبونهم، بالضرب والجوع والعطش، ورمضاء مكة والنار؛ ليفتنوهم عن دينهم، فمنهم من يفتتن من شدة البلاء وقلبه مطمئن بالإيمان، ومنهم من تصلب في دينه وعصمه الله منهم، فلما رأى رسول الله ما يصيب أصحابه من البلاء، وما هو فيه من العافية لمكانه من الله، ومن عمه أبي طالب، وأنه لا يقدر على أن يمنعهم مما هم فيه من البلاء، قال لهم: «لو خرجتم إلى أرض الحبشة فإن بها ملكًا لا يظلم عنده أحد، وهي أرض صدق حتى يجعل لكم فرجا مما أنتم فيه»، فخرج عند ذلك المسلمون من أصحاب رسول الله إلى أرض الحبشة، مخافة الفتنة، وفرارا إلى الله بدينهم، فكانت أول هجرة كانت في الإسلام. الهجرة في القرآن الكريم، أحزمي سامعون، ص290 . 2- الصبر على الشدّة والبلاء في سبيل الله فلقد لاقى النبي وأصحابه في مكة المكرمة، من الشدّة والأذى ما يصعب على غيرهم احتمالُه . 3- ثبات المؤمنين على عقيدتهم ودينهم الحنيف، دون الخضوع لضغوط الأعداء. 4- شفقة النبي على أصحابه ورحمته بهم، حيث أشار عليهم بالهجرة إلى الحبشة.
وهكذا هيأ الله لعباده المؤمنين المستضعفين المأوى والحماية من أذى قريش وأمَّنهم على دينهم وأنفسهم ، وكان في هذه الهجرة خير للمسلمين، إذ استطاعوا -فضلاً عن حفظ دينهم وأنفسهم - أن ينشروا دعوتهم، ويكسبوا أرضاً جديدة تكون منطلقاً لتلك الدعوة، ومن كان مع الله كان الله معه..
(الشبكة الإسلامية)
لما جاءت رسالة الإسلام وقف المشركون في وجهها وحاربوها، وكانت المواجهة في بداية أمرها محدودة، إلا أنها سرعان ما بدأت تشتد وتتفاقم يوماً بعد يوم وشهراً بعد شهر، حتى ضيَّقت قريش الخناق على المسلمين واضطهدتهم وأرهقتهم، فضاقت عليهم مكة بما رحبت، وصارت الحياة في ظل هذه المواجهة جحيماً لا يطاق، فأخذ المسلمون يبحثون عن مكان آمن يلجؤون إليه، ويتخلصون به من عذاب المشركين واضطهادهم.
في ظل تلك الظروف التي يعاني منها المسلمون، نزلت سورة الكهف، تلك السورة التي أخبرت بقصة الفتية الذين فروا بدينهم من ظلم مَلكِهِم، وأووا إلى كهف يحتمون به مما يراد بهم، كان في هذه القصة تسلية للمؤمنين، وإرشاداً لهم إلى الطريق الذي ينبغي عليهم أن يسلكوه للخروج مما هم فيه. لقد عرضت قصة أصحاب الكهف نموذجاً للإيمان في النفوس المخلصة، كيف تطمئن به، وتؤثره على زينة الحياة الدنيا ومتاعها، وكيف أن الله تعالى يرعى هذه النفوس المؤمنة ويقيها الفتنة، ويشملها برحمته ورعايته { وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيئ لكم من أمركم مرفقا} (الكهف:16).
لقد وضَّحت هذه القصة للمؤمنين طريق الحق والباطل، وبيَّنت أنه لا سبيل للالتقاء بينهما بحال من الأحوال، وإنما هي المفاصلة والفرار بالدين والعقيدة، وانطلاقاً من هذه الرؤية القرآنية أمر النبي المسلمين المستضعفين بالهجرة إلى الحبشة، وقد وصفت أم المؤمنين أم سلمة زوج النبي هذا الحدث فقالت: ( لما ضاقت علينا مكة، وأوذي أصحاب رسول الله وفتنوا، ورأوا ما يصيبهم من البلاء، والفتنة في دينهم، وأن رسول الله لا يستطيع دفع ذلك عنهم، وكان رسول الله في منعة من قومه وعمه، لا يصل إليه شيء مما يكره مما ينال أصحابه، فقال لهم رسول الله عليه وسلم إن بأرض الحبشة ملكاً لا يظلم عنده أحد، فالحقوا ببلاده حتى يجعل الله لكم فرجاً ومخرجاً مما أنتم فيه، فخرجنا إليها أرسالاً - أي جماعات - حتى اجتمعنا بها ، فنزلنا بخير دار إلى خير جار، أمِنَّا على ديننا ولم نخش منه ظلماً ) رواه البيهقي بسند حسن .
قال الله تعالى { والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا لنبوئنهم في الدنيا حسنة ولأجر الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون } ( النحل:41) قال قتادة – رحمه الله - " المراد أصحاب النبي ، ظلمهم المشركون بمكة وأخرجوهم حتى لحق طائفة منهم بالحبشة، ثم بوأهم الله تعالى دار الهجرة، وجعل لهم أنصاراً من المؤمنين " .
وكان الذي دعى الصحابة لتلك الهجرة عدة أسباب، منها شدة العذاب الذي لاقاه الصحابة من المشركين، حيث استخدم المشركون شتى أنواع العذاب لكي يفتنوا الصحابة عن دينهم، وكان نشر الدعوة خارج مكة المكرمة، وتكوين قاعدة تحمي العقيدة سبباً رئيساً آخر لتلك الهجرة.
وهكذا هاجر أول فوج من الصحابة إلى الحبشة في السنة الخامسة للبعثة، وكان هذا الفوج مكوناً من اثني عشر رجلاً و أربع نسوة، كان في مقدمتهم عثمان بن عفان رضي الله عنه ، ومعه زوجته رقية بنت رسول الله ، وكان رحيلهم تسللاً تحت جنح الظلام حتى لا تشعر بهم قريش، فخرجوا إلى البحر عن طريق جدة، فوجدوا سفينتين تجاريتين أبحرتا بهم إلى الحبشة، ولما علمت قريش بخبرهم خرجت في إثرهم، وما وصلت إلى الشاطئ إلا وكانوا قد غادروه في طريقهم إلى الحبشة، حيث وجدوا الأمن والأمان، ولقوا الحفاوة والإكرام من ملكها النجاشي الذي كان لا يظلم عنده أحد، كما أخبر بذلك النبي .
ومما يستفاد من أحداث الهجرة إلى الحبشة :
1- لقد اشتد البلاء على أصحاب رسول الله وجعل الكفار يحبسونهم ويعذبونهم، بالضرب والجوع والعطش، ورمضاء مكة والنار؛ ليفتنوهم عن دينهم، فمنهم من يفتتن من شدة البلاء وقلبه مطمئن بالإيمان، ومنهم من تصلب في دينه وعصمه الله منهم، فلما رأى رسول الله ما يصيب أصحابه من البلاء، وما هو فيه من العافية لمكانه من الله، ومن عمه أبي طالب، وأنه لا يقدر على أن يمنعهم مما هم فيه من البلاء، قال لهم: «لو خرجتم إلى أرض الحبشة فإن بها ملكًا لا يظلم عنده أحد، وهي أرض صدق حتى يجعل لكم فرجا مما أنتم فيه»، فخرج عند ذلك المسلمون من أصحاب رسول الله إلى أرض الحبشة، مخافة الفتنة، وفرارا إلى الله بدينهم، فكانت أول هجرة كانت في الإسلام. الهجرة في القرآن الكريم، أحزمي سامعون، ص290 . 2- الصبر على الشدّة والبلاء في سبيل الله فلقد لاقى النبي وأصحابه في مكة المكرمة، من الشدّة والأذى ما يصعب على غيرهم احتمالُه . 3- ثبات المؤمنين على عقيدتهم ودينهم الحنيف، دون الخضوع لضغوط الأعداء. 4- شفقة النبي على أصحابه ورحمته بهم، حيث أشار عليهم بالهجرة إلى الحبشة.
وهكذا هيأ الله لعباده المؤمنين المستضعفين المأوى والحماية من أذى قريش وأمَّنهم على دينهم وأنفسهم ، وكان في هذه الهجرة خير للمسلمين، إذ استطاعوا -فضلاً عن حفظ دينهم وأنفسهم - أن ينشروا دعوتهم، ويكسبوا أرضاً جديدة تكون منطلقاً لتلك الدعوة، ومن كان مع الله كان الله معه..
(الشبكة الإسلامية)
- niro2011عضو جديد
- عدد المساهمات : 39
تاريخ التسجيل : 26/08/2011
العمر : 29
رد: الهجرة الأولى الى الحبشة
الأربعاء 1 فبراير 2012 - 20:41
مشكور بارك الله فيك الله يطول عمرك ويحفظك لنا أخي الكريم و شكرا
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى